مقدمة: البن اليمني... ذهبٌ أسود من نوع آخر على امتداد ثلاثة قرون، لم يكن البن اليمني مجرد سلعة زراعية تُزرع وتُصدّر، بل كان حجر الأساس لاقتصاد ناشئ، وقناة عبور لليمن إلى الأسواق العالمية، ومصدر فخر للهوية المحلية. ومن جبال اليمن خرج اسم "موكا" ليصبح علامة تجارية عالمية للقهوة الفاخرة، مرتكزًا على جودة الحبوب، وثراء التجربة التجارية التي نشأت حولها. بنية التجارة الداخلية: من الأسواق إلى السماسر شكلت التجارة الداخلية للبن اليمني نظامًا اقتصاديًا متماسكًا، تمحور حول الأسواق المحلية، والسماسر، والدلالين. وقد تنوعت الأسواق بين أسبوعية ودائمة، وتمركزت خاصة في مدن الموانئ كمخا والحديدة وعدن. أما "السماسر"، فكانت منشآت متعددة الوظائف: مخازن للبضائع، ونُزل للتجار، ومراكز للجمارك والتحصيل. وكان لكل سمسرة قوانينها وإجراءاتها، مما جعلها مكوّنًا بنيويًا في تنظيم السوق اليمني. السمسرة والدلالة: التاجر في المنتصف اعتمدت تجارة البن على وسطاء عُرفوا بالدلالين، وكانوا يتمتعون بمكانة عالية في المجتمع التجاري، نظير مهاراتهم في الوساطة والتفاوض وفحص البضاعة. وقد لعب "الباني...
☕ مدخلٌ من الرائحة: حين تفوح رائحة القهوة من “الوجار” في مضارب الصحراء، لا يشتمها العربي وحده، بل تُثير دهشة الغريب أيضًا. هذا ما حدث تمامًا مع عشرات الرحالة الغربيين الذين وطئت أقدامهم الجزيرة العربية، ودوّنوا في دفاترهم ما لم تلتقطه عدسات الكاميرا: قهوة تُقدَّم بحب، وتُشرب بهيبة، وتُعدّ بطقوسٍ تتجاوز المشروب لتدخل في صلب الهوية. 📚 رحالة ودفاتر… ومفاجآت منذ القرن السادس عشر، بدأ الرحالة الأوروبيون يتقاطرون على الجزيرة العربية. لم يكونوا باحثين عن القهوة بالتحديد، لكن القهوة هي من وجدتهم! في مكة والمدينة، في نجد والجوف، وحتى في مجالس البدو الرحّل، استوقفتهم هذه الحبة البنية الصغيرة، ليس فقط بمذاقها، بل بكل ما يحيط بها من رمزية ومكانة. 🔎 الملفت؟ أن معظمهم رأى في القهوة وسيلة لفهم المجتمع أكثر من كونها مشروبًا صباحيًا. فالفنجان الذي يُقدَّم أولًا ولمن يُقدَّم، ومَن يصبّ، ومن يشرب… كلها إشارات صامتة تقول الكثير. 🔥 القهوة على نار التقاليد اختلف الرحالة في انتماءاتهم، لكنهم أجمعوا على دهشتهم من طريقة تحضير القهوة : إشعال النار بالروث أو القش. تحميص البن على المحماسة يدويًا....